عن ثقافة الاختلاف في هذا الوطن
يمنات
شبيب منصور
أصبح الاختلاف الذي هو سنة من سنن الكون ، جرم ؛ ذنب عظيم ، قد يلقي بصاحبه في غياهب السجون أو يستباح بسببه دمه وماله وعرضه ، فيكون مطية لكل المعتوهين وشذاذ الافق ، ويمارس عليه كل انواع الضغوط النفسية وكل فنون البلاده ….
الاختلاف بالرأي في هذا البلد والنأي بالنفس عن ثقافة القطيع ، أمر لم يكن مألوف ، لذا ممارسته والدعوه اليه تعتبر تمرد وكسر للحواجز المتعارف عليها ، وقد يحصره بعض المتشددين في باب البدعة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار …..
في هذا البلد ان اردت ان تكون ذا رأي وموقف ، وجب عليك الاصطفاف والانضمام لاحد اقطاب الصراع الرئيسية ، وعليك ممارسة التزلف وخوض غمار الاسترزاق ، وعليك ان تؤمن بالحكمة القائلة ( ان لم تكن معنا فأنت ضدنا) ، وعندها لن تجد نفسك وحيدا اذا ما مورس عليك اي نوع من انواع الارهاب الفكري ، وستجد من ينبري للدفاع عنك ومن يخوض معك معركة شيطنة الاخر …..
في هذا البلد من الحماقة ان تتعاطي مع الامور باستقلاليه مطلقه ، وان تمعن التفكير في الامور بعيدا عن ايديلوجيا التحزب وعن كونك جزء من مصلحة يترتب عليها استفادة طرف من اطراف النزاع ….
الاختلاف في الرأي في هذا البلد يجردك من حقوق المواطنة ، فالمختلفون معك لايعترفون بأي ثوابت حتي وان كان اختلافك معهم بعيدا عن تهم الخيانة والتفريط بالوطن ، وكانت وطنيتك تفوق ادعاءاتهم اضعاف مضاعفة ….
ثقافة الاختلاف في هذا الوطن مازالت بحاجة الى الكثير من الجهد والعمل ، الى الكثير من التنوير ، بحاجة الى تكاتف المثقفين لتشكيل جبهة وعي وصمود لكسر رتابة القبول بالاخر ، ودفع الشباب أمل المستقبل لاستشراف القادم بعقول نيرة وقلوب فطنة فهم أمل الحاضر وعنفوان المستقبل ..